قلت لابني ألا يأخذ حقيبته الحمراء إلى القدس

قلت لابني ألا يأخذ حقيبته إلى القدس اليوم.

كان قد فقد 100 شيقل الليلة الماضية أثناء المشي لقص شعره. هذه هي المرة الثالثة التي يسقط فيها النقود من جيبه ووبّخته بشكل ساخر عندما عاد إلى المنزل. “قد يفكر المرء”، قلت بمرارة، ” في أن ولد ’موهوب‘ مثلك قد يكتشف طريقة مختلفة لحمل أمواله بعد المرة الثانية”.

وهذا ما فعل.

إنها محفظة حمراء عميقة مع خياطة بيضاء عليها. ليست كبيرة بشكل رهيب، بل كبيرة بما يكفي للهاتف، زجاجة مياه صغيرة، وأمواله.

قد تكون متكاملة في جمالها فعلا.

كانت هذه المحفظة لأمي، واحدة من ممتلاكتها التي أخذتها معي منذ خمس سنوات بعد وفاتها. من أعماقها، قمت بإزالة المخلفات الشخصية العشوائية – مستخدمة قليلا، محارم عليها علامات أحمر الشفاه، والإيبوبروفين المكسر في الحقيبة. بعد تنظيف خزائنها، قمت بوضعها في حقيبتي مع عدد قليل من مستلزمات ملابسها قبل العودة إلى المنزل، على بعد آلاف الكيلومترات.

إنها صغيرة جدا بالنسبة لاحتياجاتي كأم لستة أطفال، فقد عاشت على رف وجمعت الغبار. “حقيبتي” الحمراء العميقة هي ذات أعماق تشبه ماري بوبينز، والتي يمكنني من خلالها سحب الملابس الداخلية والوجبات الخفيفة وشاحن الهاتف الإضافي. أضع كمبيوتري المحمول ودفتري بها للعمل، وتتحول من حقيبة تُحمل على الكتف إلى حقيبة ظهر ضيقة بلحظة.

قد تكون متكاملة فعلا.

اليوم، ارتدى ابني الأكبر (15 عاما) محفظته للمرة الأولى في شهر مارس لمهرجان بوريم اليهودي. صمم زيه بعناية أشهر قبل المهرجان: في يناير، اشترى من متجر صغير في مجمع تجاري جزمة ذات كعب عالي ترتفع حتى الركبة. غير راض عن شكلها على عضلات ساقيه، قام بحلول شهر فبراير بتحويلها إلى جزمة ترتفع حتى الكاحل، وقام بخياطة الجلد الإصطناعي ببطء إلى مستوى احترافي. في أوائل مارس، قام بخياطة الترتر المسروق من وشاح أخته أسفل جانب البنطلون. وقد تدرّب على وضع المكياج.

لم تكن مفاجأة حقيقية في الربيع الماضي عندما تلقيت مكالمة هاتفية من أحد المعلمين أن ابني خرج فجأة من الخزانة أثناء مناقشة الجنسانية خلال في الصف. “لقد أخبرت الطلاب أنه من الناحية الإحصائية هناك مثليون جنسيا في هذه الصف أيضا”، قالت. وقام ابني أثناء عدم تصديقهم وقال: “أنا مثلي”.

كان عمره 14 عاما فقط، وهو ما قد يبدو مبكرا لمعرفة عقله بوضوح، لكن ذكائه العاطفي كان دائما مطابقا لمستوى ذكائه العام. أنا وزوجي نأسف على أنه من المحتمل أن يكون لديه مسار أكثر صعوبة في الحياة، وانتظرنا صدى الكلام في مستوطنتنا الصغيرة المختلطة العلمانية الأرثوذكسية في الضفة الغربية.

لكن لا يظهر أي كلام – على الأقل في البداية.

هؤلاء الأطفال، الذين تلقوا التربية منذ الولادة ليكونوا متسامحين مع “الآخر” (على الأقل اليهودي الآخر)، شككوا في يقينه، لكنهم قبلوه كقطعة ثرثرة لذيذة تنتهي بلحظة.

لكن هذا العام، بعض زملائه في المدرسة سخروا من الميول المثلية كونها رجسا ضد القانون اليهودي بحضور ابني. أخبرني أن معدته تتقلب كل صباح، حيث يصل إلى أبواب مدرسته الثانوية. لكنه أضاف أنه بمجرد أن يبدأ اليوم يختفي هذا الشعور، وكل شيء يصبح على ما يرام.

وفاز في مسابقة المدرسة خلال مهرجان البوريم للباسه، بالمناسبة، مع مكياج بألوان قوس قزح لامع على وجهه. قام بالتجول في قريتنا الصغيرة، رافعا رأسه عاليا ومرتديا الكعب، حيث كان يتأرجح بالمحفظة الحمراء العميقة المتدلية من ذراعه. عندما سُئل عما كان يرتدي، أجاب ببساطة، “نفسي”.

لقد عاد إلى المنزل مع الكأس الذهبي.

أنا فخورة به وفخورة بمجتمعي.

يعتبر ابني شجاعته أمرا مفروغا منه في الوقت الذي يعيش فيه في عالم يستطيع فيه الرجال الصغار نتف حواجبهم وتعديل وجههم لإخفاء حب الشباب لديهم. نحن نعيش في وقت يتمتع فيه فنانو المكياج الذكور بمواقع يوتيوب تشبه العبادة بالملايين. حقبة يزداد فيها الاعتراف بالزواج من نفس الجنس دوليا وتناقش حقوق الإنجاب البديلة لهؤلاء الأزواج في أعلى مستويات الحكومة. أريده أن يسير في هذه الممرات الملتهبة ويخرج منجله ويصنع مساره الخاص به أيضا.

لكن زوجي وأنا لم نسمح له بمغادرة الفقاعة الآمنة مع حقيبته اليوم.

لأننا خائفون.

عن الكاتب
أماندا بورتشل دان هي محررة قسم أخبار الجالية اليهودية في تايمز أوف إسرائيل
تعليقات