فلسطين الأخرى
فلسطين الأخرى لديها شركات برمجة دولية، موسيقيين وشباب واعدين، طلاب جامعات متفائلين، وبوظة عظيمة. لكنها لا تزال محتلة.
إذا سألت الكثير من الأميركيين، وربما الأوروبيين، عن ما يعرفونه عن فلسطين، قد تسمع عن أولمبياد ميونيخ، أو اختطاف الطائرات، أو تفجيرات الحافلات في إسرائيل، أو رمي الحجارة. قد يقولون ان ياسر عرفات سار بعيدا عن اتفاق الرئيس كلينتون للسلام في عام 2000 ، او حتى انهم اعتقدوا انه كان هناك تشجيع ردا على أحداث 11 سبتمبر 2001.
ولكن في وقت سابق من هذا الشهر سافرت عبر فلسطين مختلفة. انضممت إلى مجموعة صغيرة نظمها مجتمع الشتات، الاتحاد الأمريكي لرام الله فلسطين، لرؤية الثقافة الفلسطينية. لقد جئت كشخص ذو خبرة ميدانية في البوسنة، على الحدود الأمريكية المكسيكية، وفي كردستان العراق، ولكن دون معرفة عميقة بالقضايا الإسرائيلية الفلسطينية.
سافرنا في جميع أنحاء الضفة الغربية، وزارنا أشخاص في شركات البرمجة والبناء وتجهيز الغذاء. التقينا بمسؤولين في مبنى جديد للبلدية حيث يزيدون فرص الحصول على الخدمات الإلكترونية. في الأسواق التقليدية التقينا بباعة جميع أنواع التوابل والخضار، وكذلك أجهزة أيفون وهاغن داز. التقينا الكاهن الأرثوذكسي اليوناني في كنيسة حيث طلب يسوع من امرأة سامرية شرب الماء. رأينا الناس في بساتين الزيتون في اليوم الأول من الحصاد.
في فلسطين الأخرى التقينا طلاب الجامعات الذين يدرسون التمريض والتعليم والرقص. رأينا عرض أفلام الطلاب، وموسيقيان من نيويورك فيلهارمونيك يعلمان المراهقين كتابة الموسيقى. انضممنا إلى الشباب لأكل البوظة أو الشاورما في وقت متأخر من الليل، ورأينا ناس عاديين يفعلون مهمات عادية أخرى: الذهاب إلى العمل، القيادة بسرعة كبيرة، التسوق لتناول العشاء، وفحص الفيسبوك.
بيت لحم فيها كنيسة المهد، طبعا، والسياح والمحلات التجارية. لكن الرباعية في جامعة بيت لحم تبدو وكأنها مشتل، مناسبا ليكون واحة للتعلم والنمو، بعيدا عن للجدران القريبة والأسلاك الشائكة. شوارع الخليل مليئة بالتوابل والتاريخ: أحد المتاجر يظهر طاولة الطحن والتي حولها كان جملا مربوطا يستخدم لسحب الحجر للقيام بالطحن. في قرية بالقرب من نابلس، التقينا بثلاث شابات يصنعن الفخار – أشجار عيد الميلاد الصغيرة، صواني الزيتون، والشموع.
وبعيدا عن محلات التوابل والمطاعم والأماكن المقدسة، فإن هذه هي أيضا فلسطين المحتلة. لقد عانى الشعب اليهودي من قرون من معاداة السامية، المحرقة، عقود من الصراع مع جيرانه، والهجمات الأخيرة. لكن الفلسطينيين يسألون: إلى متى سيكون الاحتلال – مع الاستيلاء على الأراضي والجدران ونقاط التفتيش والقيود المفروضة على السفر – هو الجواب؟
إن نقاط التفتيش على طول الطرق، وبين الضفة الغربية وإسرائيل، يعيشها الفلسطينيون كهدف أمني عقلاني يطبق بشكل غير عقلاني بهدف الانتقام من الأبرياء. أنهم لا يعرفون متى لن يتمكن الطلاب من الوصول إلى الجامعة، الآباء لا يستطيعون الوصول إلى العمل، يتوجب على الناس القيادة لمدة ساعة إضافية لسفر بضعة كيلومترات، أو تفتيش الشباب بشكل مفصّل (وهو ما قال شهد لي ناس مختلفين أنه حقيقيا): “ما الذي تأمل إسرائيل أن تنجزه؟ (وكم من كل هذا هو مجرد ضغينة؟) في هذه الأثناء “الجدار” يملي ما هي الأجزاء المفتوحة للفلسطينيين من العالم، وما هي الأجزاء المغلقة. بدون الحصول على تصريح، وهو أمر صعب الحصول عليه، يمكن تقييد الفلسطينيين من مغادرة الضفة الغربية على الإطلاق.
كما أراد الفلسطينيون الذين التقينا بهم أن أرى المستوطنات. انها تبنى أحيانا على الأراضي الزراعية التي يعتمد عليها الفلسطينيون من أجل بقائهم. أما في الخليل، فإن أحدى المستوطنات المدنية تمتد إلى السوق القديم للمدينة وتتجاوزه. وألقى المستوطنون الكثير من القمامة على المحلات التجارية والمتسوقين لدرجة أنه كان يجب تأمين سياج مقفلٍ محاطٍ بالسلاسل، على بعد أمتار قليلة من قبر إبراهيم. وفي يومنا الأخير، علمنا أن مستوطنين استولوا على حصاد الزيتون للمزارعين الفلسطينيين بالقرب من نابلس ورام الله. سرقة بسيطة لعمل سنة كاملة. تساءلت، ماذا كان سيفعل إبراهيم؟
أن أكون واضحا: لم أرى العالم من المنظور الإسرائيلي، لم أقم بزيارة مواقع التفجيرات ضد الإسرائيليين الأبرياء، لم أتكلم مع الأمهات اللواتي فقدن أطفالهن للعنف الإرهابي، ليس لدي أي شخص من عائلتي الذي فقد في المحرقة.
لكن الناس الذين التقيت بهم شاهدوا الدعم العسكري والدبلوماسي الأمريكي لإسرائيل، وسألوني:
هل من الصحيح أن بلد غني وعظيم بمساعدة بلد آخر لا يستطيع أن يؤمن دولته أكثر إدراكا لكيفية تعاملهم مع الآخرين؟
رأيت أشياء ذكرني بالصعوبات في بانيا لوكا، تيخوانا، وكركوك. يوضح معرض فني جديد عقود من المقاومة للاحتلال، وتوقعت عقود أخرى. لكن الكتابة على الجدران على الجانب الفلسطيني من الجدار – حمام السلام، السخرية من ترامب، إعلانات البيتزا – تظهر فلسطينيين يائسين وساخرون لكن مليئين بالأمل. وكان مدهشا بالنسبة لي أن العديد من الفلسطينيين الذين قابلتهم لم يكونوا متشائمين.
وقالوا لي أن ألقي نظرة على أيرلندا الشمالية، جنوب أفريقيا، جدار برلين، وحتى تيمور الشرقية.
لا تعتبر أيا من هذه الأماكن تماما مثل إسرائيل وفلسطين ، قالوا. ولكن جميعها كانت تعتبر طويلا غير قابلة للحل. على الرغم من أن جميعها لا تزال لديها مشاكل اليوم، فإن الوضع هو أفضل بكثير لكلا الجانبين عموما. تفرض الحياة تحت الاحتلال العديد من القيود على الفلسطينيين، لكنها لم تهزم كل الأمل. ربما ينبغي لنا أن نعيد النظر في التحسينات الممكنة على المدى القصير والطويل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ونعيد التزامنا بالعمل من أجلها، لصالحنا جميعا.