حقيقة صورتي في البحرين
قرأنا كثيرا عن الأخبار الزائفة في السنوات الأخيرة، وفي الأسبوع الماضي، كانت لدي تجربة سريالية عندما أصبحت موضوعا لمثل هذه الأخبار. على مدار بضعة أيام، انتشرت صورة وجهي على وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية في العالم العربي بعد أن اكتشف أحدهم صورة قديمة لي وقام بنشر الشائعة بأنني صحافي إسرائيلي يتواجد في مملكة البحرين لتغطية ورشة “السلام من أجل الازدهار” التي ينظمها جاريد كوشنر.
في حين أن الصورة نفسها حقيقية، فقد تمت مشاركتها خارج السياق، فأنا لست بصحافي ولم أتواجد في البحرين لحضور الورشة، على الرغم من أن الصحافي الفلسطيني داوود كتاب نشر في موقع “المونيتور” أن “الصورة الوحيدة التي استحوذت على موضوع التطبيع كانت صورة سيلفي لصحافي إسرائيلي مع جواز سفره خارج مكاتب الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع في المنامة”.
في صورة السيلفي الخاصة بي، والتي تم التقاطها قبل بضعة أشهر من انعقاد الورشة، أظهر في العاصمة البحرينية المنامة وأنا أحمل جواز سفر إسرائيلي أمام “الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني”. انا شخصيا أعتبر هذه الصورة مضحكة للغاية، إلا أنها مست عصبا حساسا في المنطقة بكاملها.
لا أعرف من الذي بدأ الشائعة وساهم في انتشار الصورة، ولكن لم أكن على علم بالموضوع قبل صباح الثلاثاء، عندما تلقيت بعض الإشعارات الغريبة على فيسبوك تفيد بأن هناك أشخاصا ينشرون صورا قد تكون تشملني. قمت بفحص الصور، والتي شملتني بالفعل، ووجدت أنه من الغريب أن يقوم غرباء بنشرها. ولكنها صورة مضحكة سواء كنت تعرفني أم لا، لذلك قررت أن انسى الأمر ومواصلة حياتي اليومية.
بعد ذلك بوقت قصير، تلقيت رسالة من صحافي مقيم في القدس أراد أن يعلمني أن صورتي تقوم بجولات على مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية. وبدأ أصدقائي من جميع أنحاء المنطقة – في فلسطين والأردن والعراق والبحرين والسعودية وأماكن أخرى – بإرسال رسائل لي في محاولة لمعرفة سبب انتشار صورتي على موجزات الفيسبوك الخاصة بهم.
تم عرض صورتي بشكل بارز على مواقع إخبارية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مع عناوين تقول بأنني، الصحافي الإسرائيلي المزعوم، أسخر واستهزئ من البحرين. حتى أنني ظهرت في صحف مقربة من منظمة حزب الله اللبنانية والحكومة الإيرانية الراعية لها.

والقصة ازدادت تشويقا. لقد قرر الأشخاص في جمعية مقاومة التطبيع نشر مقطع فيديو لهم وهو يقومون حرفيا بتنظيف المكان الذي وقفت عليه، من أجل مسح وصمة العار “الصهيونية” التي تركتها ورائي، وهو ما ساهم في مشاركة الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي مجددا.
قد يكون هذا الموقف واحدا من أطرف المواقف التي حدثت معي على الأطلاق، ولكنه يدعو للحزن أيضا. عندما قمت بمشاركة الصورة في الأساس، لم أفعل ذلك بهدف الاستهزاء بالبحرينيين أو العرب، ومن المؤسف أن ملايين الأشخاص نظروا إليها بهذا الشكل دون أن أتمكن من فعل أي شيء حيال ذلك. مشاركتي للصورة كانت بهدف توضيح أن عقلية الأعداء أصبحت من الماضي، وأن الوقت قد حان لنا جميعا – الإسرائيليين والفلسطينيين والبحرينيين وجميع شعوب هذه المنطقة – للعمل معا لبناء مستقبل أكثر إشراقا لنا جميعا.
من المؤسف أيضا أنني أصبحت وجه مؤتمر يُنظر إليه على نطاق واسع بأنه رشوة ومحاولة للضغط على الفلسطينيين للتنازل عن حقهم بإقامة دولة مقابل الحصول على مزايا اقتصادية. وعلى الرغم من أن الدول العربية المشاركة وضحت أنها لن تتنازل عن مطلبها لإقامة دولة فلسطينية – وهو ما يثير استياء بيبي وأمثاله – ولكن هذه الطريقة التي يُنظر فيها إلى مشاركتهم إلى حد كبير في العالم العربي.
فقط لوضع الأمور في نصابها الصحيح، أنا أعتقد أن الطريق الوحيد للمضي قدما والحل العادل الوحيد والطريقة الوحيدة للحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية هي التوصل إلى اتفاق يسمح للشعبين اليهودي والفلسطيني بحق تقرير المصير، أو بكلمات أخرى، حل الدولتين.
على عكس بيبي، فأنا أرى أن فرص تطبيع العلاقات مع العالم العربي بعيدة للغاية في غياب اتفاق حقيقي مع الفلسطينيين. ولكنني أعتقد أن حوارا أوسع بين إسرائيل والدول العربية لا يمكن إلا أن يساعدنا على الاقتراب من التوصل إلى اتفاق حقيقي. لو كانت الدول العربية قد أبدت استعدادا أكبر للتواصل مع إسرائيل قبل عقود، قد لا نكون وجدنا أنفسنا في الكارثة التي نعيشها اليوم.
لكن الأوقات تغيرت، ولعدة الأسباب، من ضمنها الجغرافيا السياسية وعملية الانفتاح البطيئة التي تمر بها العديد من الدول العربية، هناك استعداد أكبر في صفوف الحكومات والشعوب العربية للتواصل مع إسرائيل. ولجميع الإسرائيليين دور يلعبونه في تعزيز هذا الحوار.
وبهذه الروح، سأواصل السفر إلى دول عربية وإسلامية بقدر ما استطيع، وسألتقي بأشخاص وأقوم بإنشاء علاقات يمكن أن تساعدنا في طريقنا نحو السلام. على الرغم من الكراهية التي وُجهت إلي على مواقع التواصل الاجتماعي عند نشر صورتي في الأسبوع الماضي، إلا أنني لم أتلقى سوى المعاملة الحسنة في كل مكان ذهبت إليه في العالم العربي، حتى بعد الكشف عن هويتي الإسرائيلية.
ولكن للأشخاص الذي يكرهون بشدة إلى درجة تجعلهم يشعرون بأن عليهم تنظيف الأرضية التي وقفت عليها، من الأفضل أن تكونوا جاهزين مع الكثير من الصابون.