العدالة الكونية وحياة شمعون بيريس
ما هو ارث شمعون بيريز
هناك نوع من العدالة الكونية للطريقة التي وصلت بها حياة شمعون بيريز السياسية إلى نهايتها. على مدى السنوات القليلة الماضية، أظهرت استطلاعات الرأي بشكل دائم أن بيريز الشخصية العامة المحبوبة والأكثر تبجيلاً في إسرائيل، اكثر بكثير من رئيس الوزراء نتنياهو ووزرائه البارزين. وأخيراً، في سن 91، أصبح بيريز ما تأمله دائماً لنفسه، الامر الذي يوحد الإسرائيليين ورمزا للتوافق الوطني.
على الرغم من أن بيريز دائماً اراد أن يكون محبوبا من قبل الشعب الإسرائيلي، لقد كان بمعظم حياته المهنية واحداً من أبغض السياسيين في إسرائيل. كان مكروهاً من قبل الإسرائيلي المولودين هنا, الذين حاربوا في حرب استقلال إسرائيل واعتبروا بيريز كضاغطة جاليتزيانية. في السبعينات كان مكروهاً من قبل الإسرائيليين من اليهود الشرقيين, الذين اعتقدوا أنه رمزاً للمؤسسة الجديدة التي اخرتهم لفترة طويلة. وخلال التسعينات كان بيريز مكروهاً من قبل اليمين الإسرائيلي, الذي وصفه بالخائن واحالوه من منصبه كرئيس حكومة بعد ستة أشهر فقط. لقد كان بيريز مكروهاً حتى من قبل حزبه- حزب العمل الذي اعتبره كخاسر أبدي. اطلق عليه الراحل اسحق رابين الاسم الشهير لبيريز “المنكر الابدي”.
في الأسبوع الماضي، خلال اجتماعه مع أحد ناشطي حقوق الإنسان الكونغوليين، أشاد بيريز الحبيب الرئيس الفلسطيني محمود عباس قائلا أن “الرئيس عباس رجل مبدأ؛ انه معادي للإرهاب وللعنف “مضيفاً “أنه شريك جيد وأنا سعيد لأن حكومتنا تتفاوض معه. ان الخلافات أمر طبيعي ولكننا نتفق على معارضة الإرهاب”.
يبدو أن المحللين السياسيين الإسرائيليين يوافقون على أن القصد من هذا البيان هو التصدي لوزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، الذي أعلن يوم السبت مرة أخرى أن عباس ليس شريكا للسلام، وأن معاهدة سلام لن تتحقق ابدأ ما دام في عباس في الرئاسة.
تعليقات مثل التي أدلى بها بيريز الأسبوع الماضي شائعة إلى حد كبير. غالباً ما تحدث بيريز خلال ولاية السبع سنوات خاصته لصالح حل الدولتين وضرورة وضع حد للنزاع مع الفلسطينيين. ولكن البيانات العامة، تدعو إن إحراز تقدم في المفاوضات والتقاط الصور كانت كل ما قدمه. حتى عندما نمت شعبيته، لم يلقي الرئيس ابدأ كامل ثقل مكتبة وراء النضال من أجل السلام. لم يستخدم بيريز قط شعبيته الهائلة بغية وضع إسرائيل مرة أخرى على مسار السلام، لبيع الإسرائيليين رؤية قيام دولتين كما كان يفعل في سنوات ال-90 وتحقيق تقدم فعلي في منطقة حيث يحكم الركود بشكل مطلق.
ان قام بيريز بالترويج لحل الدولتين للإسرائيليين كما روج للابتكار الإسرائيلي للجماهير الأجنبية، كان يمكن ان تصبح الأمة فائقة التكنولوجيا أمة اَمنة حتى الآن. الأهم من ذلك، أن بيريز هو الشخصية العامة الوحيدة في إسرائيل التي اضفت الشرعية لمحمود عباس في عيون الإسرائيليين وبالتالي مكافحاً للسرد الشعبي الإسرائيلي أنه لا شريك للسلام في رام الله. سرد نصب ثابتاً منذ قدمه أولاً ايهود باراك بعد فشل قمة كامب ديفيد عام 2000.
لكن بيريز لم يقم بشيء كهذا. في الواقع، أن العكس قد يكون صحيحاً.
مثل رئيس الوزراء السابق إيهود باراك ووزيرة العدل الحالية- تسيبي ليفني، ان بيريز هو زعيم اخر من الجناح اليساري الذي خدم كسترة نجاة لبنيامين نتنياهو. كلما طالب زعماء العالم نتنياهو بالبدء في مفاوضات جدية مع الفلسطينيين، ارسل بيريز للتفسير ان العالم يجب أن يعطي نتنياهو المزيد من الوقت، وأنه سيصل الى تلك النقطة، يوما بعد يوم برويده. كلما غضبت الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، على البناء الجديد في المستوطنات الإسرائيلية، تواجد بيريز هناك ليقول “عذراً، أنجيلا”، على نتنياهو رمي المستوطنين بعظمة كل بعض من الوقت. كلما وأينما احتاجه بيبي، كان شمعون هناك للحماية والخدمة. حولته جائزة نوبل للسلام إلى سترة واقية.
ربما أنه من غير العادل الحكم على السيد بيريز بقسوة. بعد ما يقارب قرن من الحنين لحب الشعب، ربما لم يقدر بيريز ببساطة على العودة إلى كونه رجل بغيض في إسرائيل. في النهاية، أقصر طريقة للانتقال من قائمة ألف إلى قائمة دال في إسرائيل هي اعتماد موقف بشان الاحتلال الإسرائيلي، والاصرار على ضرورة وضع حد له. بعد فشله الذريع في الترويج لعملية السلام ضحى بيريز بإرثه الخاص لأن هناك فرقا كبيرا بين ان تحبك إسرائيل وبين إنقاذ إسرائيل من نفسها.